افلاطــــــــــــــــــــــــــــــــــون بحث كامل ادعو لاخوكم بلال
صفحة 1 من اصل 1
افلاطــــــــــــــــــــــــــــــــــون بحث كامل ادعو لاخوكم بلال
خـــــــطـــــــة الـــــــبــــحـــــث
المــــقــــدمــــــــة:
المـــــبـحـث الأول: أفـلاطـون
المـــــطلــب الأول: حــيــاة أفـلاطـون
المــطلــب الثــاني: فــلـسـفـتـه
المــطلــب الثـالـث: مــؤلـفـاته
المـــطلب الرابـــع: حكمه
المــبــحث الثــاني: التفكير الاجتماعي عند أفلاطون
المــــطلــــب الأول: الفكرية الأفلاطونية
المــطلــب الثـــاني: النظريات عبد أفلاطون
الخــــاتمة
المقدمة:
يمتاز أفلاطون هذا الحكيم العبقري العظيم الذي عبر في كتاباته عن روحه اليونانية الخالصة، و منهجه الفلسفي المنطقي المتكامل، المسربل بالأسرار و التقاليد السحرية الخلابة القادمة من الشرق، بأن نظرياته و آراءه العميقة المجردة عن هيولي المادة، و المتخلقة بأخلاق الكمال و المثالية قد شملت الفلسفة العربية، و الحكمة الإسلامية، فأثرت فيها تأثيرا فعالا، و خاصة ما يتعلق بعلم التوحيد أو علم الأصول و الأحكام.
المبحث الأول: أفلاطون
المطلب الأول: حياة أفلاطون.
كانت ولادة أفلاطون في أثينا أو في أجينا جزيرة مقابلة لأثينا سنة 427 ق.م من أسرة غنية عريقة بالمجد و الشرف، فأبوه أرسطو كان أحد كبار الحكماء في عصره ، و عمه كريتياس كان رئيس الطغاة الذي سقطت حكومته بعد معارك (البلوبونيز) حيث هزمت أثينا و تحكم أسطولها العظيم.
- فاستلم الحكم من بعده جماعة الديمقراطيين الذين حكموا على سقراط بالإعدام، تثقف أفلاطون تثقف أغلاطون كأحسن ما بتثقف أبناء الطبقات الراقية، و قرأ شعراء اليونان و نظم الشعر التمثيلي ثم أقبل على العلوم و أظهر ميلا خاصا للرياضيات.
و يقال أنه أخذ الحكمة عن فيثاغورث ثم تعرف على سقراط.
و شهد بعض مناقشاته فأعجب به الإعجاب الشديد مما قاله هو بالذات عن نفسه: "أشكر الله لأنه خلقني يونانيا لا بربريا، حرا لا عبدا، رجلا لا امرأة،و أشكره أيضا لأنني ولدت في عهد سقراط.
- و ما كاد يبلغ الثالثة و العشرون حتى أراد أهله و أصدقاءه، قد توصلوا إلى الحكم بمساعدة اسبرطة، أن يقلدوه أعمالا تناسب عبقريته الفذة ، ففضل الانتصار .
و بعد موته أستاذه سقراط حزن عليه حزنا شديدا فاعتزل الحياة العامة، و ما عتم أن غادر أثينا إلى ميغاري حيث اتصل بإقليدس الرياضي الكبير ثم توجه غلى مصر، و زار صقلية حيث قابل "دنيس السيراقوزي" الطاغية.
و كان خلال تجواله و تنقلاته بين البلدان يعرج على مسقط رأسه بين الحين و الآخر.
و يقال بأن ملك صقلية اعتقله و أرسله إلى جزيرة أجينا التي كانت حليفة أسبرطة ضد أثينا.
و يرى القفطي أن اليونان يبالغون في أفلاطون و يعظمونه و يقولون: "كان مولده الهيا، و كان طالعه طالعا جليلا".
و يقال أنه لما عزم على ترك الشعر الذي كان يعاينه و يبالغ في تعلمه عندما سمع من سقراط ما سمعه من أمره عزم على المضي إلى سقراط و الأخذ عنه فلسفة فيثاغورث.
و قد كان شاركه فيها على فيثاغورث إلا أنه لم يبالغ فيها اشتغاله بالشعر .
و يذكر أن القفصي أن أفلاطون تزوج من امرأتين إحداهما يقال لها "الستانيا" و هي من بلاد "أرقاديا" و الأخرى "أقسوثيا" و هي من بلاد "فليوس".
و يقال بأن أفلاطون توفي في أثناء فيلبوس المقدوني على أثينا و دفن في بساتين "أقاذاميا" و قد سار بجنازته كل سكان أثينا.
المطلب الثاني:
فلسفته:
أوجد أفلاطون ما عرف من بعد بطريقة الحوار، التي كانت عبارة عن دراما فلسفية حقيقية ، عبر من خلالها عن أفكاره عن طريق شخصية سقراط، الذي تمثله إلى حد بات من الصعب جدا، من بعد، التي بينت عقيدة التلميذ و عقيدة أستاذه الذي لم يظهر لنا أي شيء مكتوب . هذا و قد ترك أفلاطون كتابة ثمانية و عشرون حوار، تتألق فيها ، بدأ من الحوارات الأولى أو "السقراطية" وصولا إلى الأخيرة، حيث شاخ و نضج، صورة سقراط التي تتخذ طابعا مثاليا، كما تتضح من خلالها نظريته في المثل، و يتم فيها التطرق لمسائل عينية هامة.
تميز الميتافيزياء الأفلاطونية بين عالمين: العالم الأول، أو العالم المحسوس، هو عالم التعددية، علم الصيرورة و الفساد، و يقع هذا العالم بين الوجود و اللاوجود، و يعتبر منبعا للأوهام (معنى استعارة الكهف) لأن حقيقته مستفادة من غيره، من حيث كونه يجد مبدأ وجود إلا في العالم الحقيقي للمثل المعقولة التي هي نماذج مثالية فيها الأشياء المحسوسة بصورة مشوهة، ذلك لأن الأشياء لا توجد إلا عبر المحاكاة و المشاركة، و لأن كينونتها هي نتيجة و محصلة لعملية يؤديها الفيض، كصانع إلهي، أعطى شكلا للمادة التي هي في حد ذاتها أزلية و غير مخلوقة (تيميوس).
هذا و يتألف عالم المحسوسات من أفكار ميتافيزيائية (كالدائرة، و المثلث) و من أفكار "غير افتراضية" (كالجذر، و المعادلة، و الجمال/ الخ) تلك التي تشكل فيما بينها نظاما متكاملا لأنه معماري البنيان و متسلسل بسبب و عن طريق مبدأ المثال السامي الموحد الذي هو "منيع الكائن و جوهر المثل الأخرى"، أي مثال الخير.
لكن كيف يمكننا الاستغراق في عالم المثل و التوصل إلى المعرفة؟ في كتاب فيدروس، يشرح أفلاطون عملية سقوط النفس البشرية التي هوت إلى عالم المحسوسات -بعد أن عاشت في العالم- من خلال اتحادها مع الجسم، لكن هذه النفس، و عن طريق تلمسها لذلك المحسوس، تصبح قادرة على دخول أعماق ذاتها لتكتشف، كالذاكرة المنسية، الماهية الجلية التي سبق أن تأملتها في حياتها الماضية، و هذه هي نظرية التذكر، التي يعبر عنها بشكل رئيسي في كتابه مينون، من خلال استجواب العبد الشاب و ملاحظة سقراط الذي "توصل" لأن يجد في نفس ذلك العبد مبدأ هندسيا لم يتعلمه هذا الأخير في حياته.
إن فن الحوار و الجدل، أو لنقل الديالكتيكا، هو ما يسمح للنفس بأن تترفع عن عالم الأشياء المتعددة و المتحولة إلى العالم العياني للأفكار لأنه عن طريق هذه الديالكتيكا المتصاعدة نحو الأصول تعرف الفكر إلى العلم انطلاقا من الرأي الذي هو المعرفة العامية المتشكلة من الخيالات و الاعتقادات و خلط الصحيح و الخطأ هنا تصبح الرياضيات ، ذلك العلم الفيثاغوري المتعلق بالأعداد و الأشكال، مجر دراسة تمهيدية لأنه عندما نتعلم هذه الرياضيات: "من أجل المعرفة ، و ليس من أجل العمليات التجارية" يصبح بوسعنا عن طريقه "تفتيح النفس [...] للتأمل و الحقيقة" لأن الدرجة العليا من المعرفة ، التي تأتي نتيجة التصعيد الديالكتيكي ، هي تلك المعرفة الكشفية التي نتعرف عن طريقها إلى الأشياء الجلية.
لذلك فإنه يجب على الإنسان – الذي ينتمي إلى عالمين – أن يتحرر من الجسم (المادة) ليعيش وفق متطلبات الروح ذات الطبيعة الخالدة، كما توحي بذلك نظرية التذكر و تحاول البرهنة عليه حجج فيدون، من أجل ، فإن الفضيلة، التي تقود إلى السعادة الحقيقية تحقق بشكل أساسي، عن التناعم النفسي الناجم عن خضوع الحساسية للقلب الخاضع لحكمة العقل، و بالتالي فإن هدف الدولة يصبح على الصعيد العام، حكم المدينة المبنية بحيث يتجه جميع مواطنيها نحو الفضيلة.
هذا و قد ألهمت مشاعية أفلاطون العديد من النظريات الاجتماعية و الفلسفية، بدءأ من يوطوبيات توماس مور و كامبانيلا، وصولا إلى تلك النظريات الاشتراكية الحديثة الخاضعة لتأثيره، إلى هذا الحد أو ذاك، و بشكل عام فإن فكر أفلاطون قد أثر في العمق على مجمل الغربي، سواء في مجال علم اللاهوت (المسلم أو اليهود أو المسيحي) أو في مجال الفلسفة العلمانية التي يشكل هذا الفكر نموذجها الأول.
المطلب الثالث: مؤلفاته
مؤلفاته
المأدبة أو "في الحب ال sexy": يبين هذا الحوار ، الذي جرى تأليفه في العام 384 ق م ، كيف أن ولوج الحقيقة يمكن أن يتم بطرق أخرى غير العقل، و ليس فقط عن طريقه: لأن هناك أيضا وظيفة للقلب، تسمح بالانتقال من مفهوم الجمال الحسي إلى مفهوم الجمال الكامل للمثال الجلي.
و القصة هي قصة الشاعر أغاثون الذي أقام في منزله مأدبة للاحتفال بنجاح أول عمل مسرحي له. و في هذه المأدبة طلب من كل المدعوين، و من بينهم سقراط، أن يلقوا كلمة تمجد إله الحب – و خاصة أريستو فانيس الذي طور أسطورة الخنثى البدئية، و يقوم سقراط من تقريظ الجمال، بمحاولة لتحديد طبيعة الحب ، متجنبا الوقوع في شرك الجدال، أخيرا غلى حب العلم، لأنه و بسبب كونه رغبة في الخلود و تطلعا إلى الجمال في ذاته، يقودنا الحب الأرضي غلى الحب السماوين و هذا هو المعنى ndel - الذي هو أحد أجمل الحوارات – لم تدن خلال تاريخ الفلسفة كله: حيث نجد صداه، مثلا: في العقيدة المسيحية للقديس أوغسطينوس، الذي كان يعتقد بأن "كل فعل محبة هو، في النهاية حب للإله".
فيدون أو "في المهبل": يدور هذا الحوار في الحجرة التي كان سقراط ينتظر الموت فيها، لأن الحضور و انطلاقا مما كان يدعيه بأن الفيلسوف الحقيقي ى يخشى الموت، يدعو المعلم لكي يبرهن على الخلود النفس، و هنا يجري بسط أربع حجج أساسية:
الحجة الأولى: التي تستند إلى وجود المفارقات، تقول إنه: انطلاقا من الصيرورة المستمرة للأشياء ن ليس في وسعنا فهم شيء ما (النوم مثلا) دون الاستناد إلى نقيضه (اليقظة ليس حصرا). و لأن الموت يبين الانتقال من الحياة الدنيا إلى الآخرة، فإنه من المنطقي الاعتقاد بإن "الولادة من جديد" تعني الانتقال منه إلى الحياة و بالتالي إذا كانت النفس تولد من جديد، فإن هذا يعني أن التقمص حقيقة طرمة زيه.
أما الحجة الثانية: فهي تستند إلى تلك الأفكار التي ندعوها بالذكريات، لأن ما نواجهه في العالم الحسي إنما هو أشياء جميلة لكنها ليست هي الجمال، لذلك ترانا نحاول تلمس هذا الأخير من روحنا فيها على تماس مباشر مع الطهارة.
و تقول الحجة الثالثة إنه يمكن شمل كل ما في الوجود ضمن مقولتين اثنتين: المقولة الأولى تضم كل ما هو مركب (و بالتالي ممكن التفكك) أي المادة، و المقولة الأخرى التي تشمل ما هو بسيط (أي لا يمكن تفكيكه)، كجزء مما هو مدرك أي روح.
و عندما يلاحظ كيبيوس بأن سقراط، الذي برهن على إمكانية انتقال الروح من جسم إلى آخر، لم يبرهن على خلود هذه الأخيرة في حد ذاتها، يجيبه سقراط من خلال عرض مسهب، يتطرق فيه إلى نظرية المثل، حيث يبين في نهايته أن الروح لا تتوافق مع الموت لأنها من تلك العناصر التي ليس بوسعها تغيير طبيعتها.
و ينتهي الحوار بعرض طويل لمفهومي العالم العلوي و المصير الذي يمكن أنتواجهه النفس: حيث ترتفع النفوس الأكمل نحو عالم علوي، بينما ترسب النفوس المذنبة في الأعماق السفلي، و تكون كلمات سقراط الأخيرة هي التي مفادها بأنه مدين في عمله لأسكليبيوس (إله الطب و الشفاء) – من أجل تذكيرنا رمزيا بأنه يجب علينا شكر الإله الذي حرره من مرض الموت.
- الجمهورية أو "في العدالة" يشكل هذا الحوار، المجموعة في عشر كتيبات تمت خلال عدة سنوات (ما بين أعوام 389 و 369 ق م)العمل الرئيسي لأفلاطون المتعلق بالفلسفة السياسية.
يبدأ سقراط بمحاولة تعريف العدالة استنادا إلى ما قاله عنها سيمونيدس، أي "قول الحقيقة و إعطاء كل شخص حقه"، هذا التعريف مشكوك في ملاءمته، لأنه يجعلنا نلحق الضرر بأعدائنا، مما يعني جعلهم بالتالي أسوأ و أظلم ، كذلك أيضا يستبعد تعريف السفسطائي ثراسيماخوس الذي قل بأن "العدل" هو ما ينفع الأقوى.
و نصل مع أفلاطون إلى التمعن في مفهوم الدولة العادلة – تلك التي تعنى "الإنسان مكبرا"- القائمة على مشاعية الأملاك و النساء ، اللواتي لا يكون التزاوج معهن انطلاقا من الرغبات الشخصية ، إنما استنادا لاعتبارات النسل – تلك المشاعية الخاضعة لمفهوم التقشف الصحي ، أي المعادي للبذخ ، تلك الدولة القائمة على التناعم و المستندة إلى فصل صارم بين طبقاتها الأساسية الثلاث التي هي: طبقة الفلاسفة أو القادة ، و طبقة الجنود و طبقة الصناع – و التي هي على صورة التوازن القائم بين المكونات الثلاث للنفس الفردية، و نلاحظ هنا ، من خلال العرض ، ان الطبقة الدنيا (أو طبقة الصناع) لا تخضع لمتطلبات الملكية الجماعية لأنها لنتفهمها انطلاقا من مستوى إدراكها.
و يفترض سقراط أنه على رأس هذه الدولة يجب وضع أفضل البشر، من هنا تأتي ضرورة تأهيلهم الطويل للوصول إلى الفهم الفلسفي للخير الذي يعكس نور الحقيقة و ينير النفس، كما تنير الشمس أشياء عالمنا (استعارة الكهف).
ذلك لأن الظلم يشوه، بشكل أو بآخر، كافة الأشكال الأخرى من الدول، التي يعددها أفلاطون كما يلي: الدولة التيموقراطية (التي يسود فيها الظلم و العنف)، و الدولة الأوليغارخية (حيث الطمع الدائم و اشتهاء المادية)، و الدولة الديمقراطية (حيث تنفلت الغرائز و تسود ديكتاتورية العوام)، و أخيرا، دولة الاستبداد (حيث يكون الطاغية بنفسه عبدا لغرائزه، و بالتالي غير عادل).
المطلب الرابع: حكمه
1- إذا أردت أن تعرف طبقتك من الناس فانظر إلى من تحبه من غير علة
2- احسانك الى الحر يحركه الى المكافئة و إحسانك إلى الوغد يحركه إلى معودة المسألة.
3- إذا طالبت المال فاجعل زمانه اكتساب له أطول من زمان الانتفاع به.
4- اضعف الناس من ضعف عن كتمان سره و أقواهم من قوى على غضبه و اصبره من ستر فقره و أغناهم من قنع بما تيسر له.
5- الرجل الصالح هو الذي يحتمل الأذى لكنه لا يرتكبه.
6- السعادة هي معرفة الخير و الشر.
7- الحياة أمل ، من فقد الأمل فقد الحياة.
8- قليل من العلم مع العمل به أنفع من كثير من العلم مع قلة العمل به.
9- كل إنسان يصبح شاعرا إذا لامس قلبه الحب.
10-نحن مجانين غدا لم نستطع أن نفكر و متعصبون إذ لم نرد ان نفكر و عبيد إذ لم نجرأ أن نفكر.
11-الحكيم من لم يكن برأيه معجبا و لم يدخله العجب عند المدح ولم يغضب عند اللوم.
12-لا ينبغي للأديب أن يخاطب من لا أدب له كما لا ينبغي للصاحي أن يخاطب السكران.
13-غاية الأدب أن يستحي المرء من نفسه.
14-إذا أردت أن يدوم حبك فأحسن أدبك.
المبحث الثاني: التفكير الاجتماعي عند أفلاطون.
المطلب الاول:الفكرية الأفلاطونية:
في مقابل هذا النوع من التفكير الواقعي الثوري نجد لونا من التفكير الثوري المنهجي الذي يتخذ الطابع الأثيوبي الطوبائي المثالي و الذي يبدأ عند الفلاسفة اليونان بسقراط و يبلغ ذروته على يد الفيلسوف أفلاطون. ما من شك أن الفكرية الأفلاطونية الاجتماعية انبثقت من طبيعة الأزمة الاجتماعية التي عاناها المجتمع الأثيني بعد أن تهدم بناؤها الاجتماعي و انهار سلمه و هرمه القيمي خاصة بعد الهزة الفكرية العنيفة التي أحدثها التفكير الاجتماعي السونسطائي.
ارتكزت الفكرية الأفلاطونية على ما ينبغي أن تكون عليه الدولة لتحقيق كمال وجوده و لأستعاد مواطنيها. و من المفيد ان تذكر بهذا الصدد أن المدينة كانت تمثل في هذه المرحلة الوحدة السياسية الكبرى ، حيث أنها كانت تتألف من مجموعة من الأفراد يعيشون بصفة مستمرة على أرض معينة و تحكمهم فئة معينة و يكون لها سلطة نافذة.
كما ان أفلاطون وضع بنية اجتماعية للمدينة الفاضلة فلعل منها وظائفها المتخصصة.
الحكام: تتولى سيادة أمور الدولة العليا .
الجند: تتولى الدفاع عن المجتمع و حماية مصالح الطبقة الحاكمة.
العمال: (مزارعين، فلاحين، عمال صناعيين)، تعمل على توفير حاجيات الشعب بمختلف مستوياته الاجتماعية و الاقتصادية .
- و يرى أفلاطون أن الفرد ذو ثلاث قوى نفسية هي : القوة الشهوانية ، و القوة الغضبية، و القوة العاقلة و لكل منها فضيلة، و كان التوفيق بين الفضائل الثلاث ينتج فضيلة رابعة هي العدالة التي هي فضيلة الفضائل للفرد و المجتمع فالنفس عند أفلاطون تشبه العربة يقودها جوادان أحدهما الغضب و الآخر الشهوة، أما سائق الجوادين فهو العقل.
- اما من الناحية التنظيمية والإدارية والوظيفية فقد خططت الفكرة الأفلاطونية سلطات المدينة الفاضلة ووزعت الاختصاصات والوظائف الرئيسية على النحو التالي :
- 1- حراس الدستور : يتولون المحافظة على الدستور والحيلولة دون تحويله .
- 2- مجلس الشيوخ : يتولون حكم المدينة بالاتفاق مع حراس الدستور .
- 3- الكهنة ورجال الدين : يسهرون على رعاية الهياكل والمعابد والقيام بالطقوس الدينية
- 4- حكيم التربية : يهيمن على شؤون التربية الاجتماعية والأخلاقية .
- 5- رجال المحاكم والقضاء : تحكم وفقا لقوانين العقل التي لا تتعارض مع القوانين اللاهية .
- 6- قواعد الجيش.
- 7- رجال الشرطة .
- 8- التجار .
- 9- العمال الزراعيون .
- 10- عمال الصناعة .
و من الاهتمامات الاجتماعية الأساسية التي تبدو كأنها تمس المشكلات الواقعية التي تتطلب حلولا نظرية و خطوات إصلاحية تلك المسألة الديمغرافية السكانية و التي كان و لابد أن تحويها الفكرية الأفلاطونية لمواجهة تنظيمية و تخطيطية للمسألة السسكانية الفكرية ذلك أن في التطور الأفلاطوني لابد أن يكون "السكان على قدر حاجة الدولة" و في هذا الإطار لابد أن ينظم الزواج.
كما يجب أن يكون التحسيس المستمر لنوعية النسل هدفا أساسيا و مطالبا تربويا ، فيضع أطفال الدولة في مكان يشترك يتولى تغذيتهم و رعايتهم حاضنات متخصصات من الأمهات ، توسيعا لمجال التعاطف الإنساني على أن يجب أن لا يحول دون تحقيق هدفه التفرق النوعي بمعنى انه لا مناص من إعدام من زاد عن الحاجة المطلوبة للجماعة و لا جريمة في إعدام الطفل المشوه أو ناقص التركيب و الضعف الخلقي ، شأنه شأن الضعف الجسمي.
المطلب الثاني: النظريات عند أفلاطون.
و هو ثاني الثلاثة الكبار في الفلسفة اليونانية، و له اكتشافات و نظريات في النفس و الموضوعات النفسية المختلفة، أسس معهدا تعليميا و جامعة عظيمة في أثينا عام 387 ق.م و من أهم أعماله (جمهورية أفلاطون) و من نظرياته:
أ. نظرية أفلاطون في النفس: يرى أفلاطون بأن النفس سابقة على الجسم لأنها وجدت قبله و ستستمر بعده و هي خالدة لأنها كانت تعيش في عالم من الأفكار و المثل و قسم أفلاطون النفس إلى ثلاثة أقسام:
1) النفس العاقلة مركزها الرأس، لأن الرأس أعلى جزء في الجسم ، فهي أقرب إلى السماء ، و تمثل طبقة الفلاسفة.
1) النفس الغضبية و مركزها القلب، و تمثل الحراس .
2) النفس الشهوانية و مركزها البطن، و تمثل طبقة العمال و الزراع.
و يعتقد بوجود صراع بين هذه الأنفس العاقلة الثلاثة، فالشخص الذي تسيطر عليه النفس العاقلة أقرب إلى الكمال و أفضل من الشخص الذي تسيطر عليه النفس الغاضبة أو الشهوانية.
ب. نظرية المعرفة عند أفلاطون: رأى أفلاطون بما أن أقدم من الجسم فلا بد أنها كانت تعيش في عالم سابق أسماه ب "عالم المثل" و يرى بأن أفضل منهج للوصول إلى المعرفة الحقيقية هو منهج الاستقلال العقلي الذي يعتمد على التفكير المجرد ، أما الأشياء المحسوسة فهي متغيرة زائلة.
ج. الفروق الفردية عند أفلاطون: كان أفلاطون أول من اهتم بدراسة الفروق الفردية و ذلك حسب النفس المسيطرة عليهم، فقسم الناس إلى ثلاثة أنواع:
3) الحكام و هم الفلاسفة: و يتميزون بالنفس العاقلة و القدرة على التفكير و الاستدلال.
4) الجند أو الحرس أو المحاربون: و يتميزون بالنفس العصبية و لذلك أسندت لهم مهمة الحرب و الدفاع عن الوطن.
5) عامة الناس و هم العمال تسيطر عليهم النفس السهوانية.
الخاتمة:
يمتاز أفلاطون هذا الحكيم العبقري العظيم الذي جسد في كتاباته روحه اليونانية الخالصة، و منهجه الفلسفي المنطقي المتكامل المسربل بالأسرار و الرموز و الإرشادات ، بأن نظرياته و آراءه العميقة المجردة عن هيولى المادة و المختلفة بأخلاق الكمال و المثالية ، قد شملت الفلسفة العربية و الحكمة الإسلامية فأثرت فيهما تأثيرا فعالا، و خاصة ما يتعلق بعلم التوحيد، و حدوث العالم و المبدأ أو المعاد و النفس الإنسانية و سرمديتها المدنية الفاضلة و عدلها و حكمتها.
كوبي كولي؟ هادير تعليق ههههههههههههه
المــــقــــدمــــــــة:
المـــــبـحـث الأول: أفـلاطـون
المـــــطلــب الأول: حــيــاة أفـلاطـون
المــطلــب الثــاني: فــلـسـفـتـه
المــطلــب الثـالـث: مــؤلـفـاته
المـــطلب الرابـــع: حكمه
المــبــحث الثــاني: التفكير الاجتماعي عند أفلاطون
المــــطلــــب الأول: الفكرية الأفلاطونية
المــطلــب الثـــاني: النظريات عبد أفلاطون
الخــــاتمة
المقدمة:
يمتاز أفلاطون هذا الحكيم العبقري العظيم الذي عبر في كتاباته عن روحه اليونانية الخالصة، و منهجه الفلسفي المنطقي المتكامل، المسربل بالأسرار و التقاليد السحرية الخلابة القادمة من الشرق، بأن نظرياته و آراءه العميقة المجردة عن هيولي المادة، و المتخلقة بأخلاق الكمال و المثالية قد شملت الفلسفة العربية، و الحكمة الإسلامية، فأثرت فيها تأثيرا فعالا، و خاصة ما يتعلق بعلم التوحيد أو علم الأصول و الأحكام.
المبحث الأول: أفلاطون
المطلب الأول: حياة أفلاطون.
كانت ولادة أفلاطون في أثينا أو في أجينا جزيرة مقابلة لأثينا سنة 427 ق.م من أسرة غنية عريقة بالمجد و الشرف، فأبوه أرسطو كان أحد كبار الحكماء في عصره ، و عمه كريتياس كان رئيس الطغاة الذي سقطت حكومته بعد معارك (البلوبونيز) حيث هزمت أثينا و تحكم أسطولها العظيم.
- فاستلم الحكم من بعده جماعة الديمقراطيين الذين حكموا على سقراط بالإعدام، تثقف أفلاطون تثقف أغلاطون كأحسن ما بتثقف أبناء الطبقات الراقية، و قرأ شعراء اليونان و نظم الشعر التمثيلي ثم أقبل على العلوم و أظهر ميلا خاصا للرياضيات.
و يقال أنه أخذ الحكمة عن فيثاغورث ثم تعرف على سقراط.
و شهد بعض مناقشاته فأعجب به الإعجاب الشديد مما قاله هو بالذات عن نفسه: "أشكر الله لأنه خلقني يونانيا لا بربريا، حرا لا عبدا، رجلا لا امرأة،و أشكره أيضا لأنني ولدت في عهد سقراط.
- و ما كاد يبلغ الثالثة و العشرون حتى أراد أهله و أصدقاءه، قد توصلوا إلى الحكم بمساعدة اسبرطة، أن يقلدوه أعمالا تناسب عبقريته الفذة ، ففضل الانتصار .
و بعد موته أستاذه سقراط حزن عليه حزنا شديدا فاعتزل الحياة العامة، و ما عتم أن غادر أثينا إلى ميغاري حيث اتصل بإقليدس الرياضي الكبير ثم توجه غلى مصر، و زار صقلية حيث قابل "دنيس السيراقوزي" الطاغية.
و كان خلال تجواله و تنقلاته بين البلدان يعرج على مسقط رأسه بين الحين و الآخر.
و يقال بأن ملك صقلية اعتقله و أرسله إلى جزيرة أجينا التي كانت حليفة أسبرطة ضد أثينا.
و يرى القفطي أن اليونان يبالغون في أفلاطون و يعظمونه و يقولون: "كان مولده الهيا، و كان طالعه طالعا جليلا".
و يقال أنه لما عزم على ترك الشعر الذي كان يعاينه و يبالغ في تعلمه عندما سمع من سقراط ما سمعه من أمره عزم على المضي إلى سقراط و الأخذ عنه فلسفة فيثاغورث.
و قد كان شاركه فيها على فيثاغورث إلا أنه لم يبالغ فيها اشتغاله بالشعر .
و يذكر أن القفصي أن أفلاطون تزوج من امرأتين إحداهما يقال لها "الستانيا" و هي من بلاد "أرقاديا" و الأخرى "أقسوثيا" و هي من بلاد "فليوس".
و يقال بأن أفلاطون توفي في أثناء فيلبوس المقدوني على أثينا و دفن في بساتين "أقاذاميا" و قد سار بجنازته كل سكان أثينا.
المطلب الثاني:
فلسفته:
أوجد أفلاطون ما عرف من بعد بطريقة الحوار، التي كانت عبارة عن دراما فلسفية حقيقية ، عبر من خلالها عن أفكاره عن طريق شخصية سقراط، الذي تمثله إلى حد بات من الصعب جدا، من بعد، التي بينت عقيدة التلميذ و عقيدة أستاذه الذي لم يظهر لنا أي شيء مكتوب . هذا و قد ترك أفلاطون كتابة ثمانية و عشرون حوار، تتألق فيها ، بدأ من الحوارات الأولى أو "السقراطية" وصولا إلى الأخيرة، حيث شاخ و نضج، صورة سقراط التي تتخذ طابعا مثاليا، كما تتضح من خلالها نظريته في المثل، و يتم فيها التطرق لمسائل عينية هامة.
تميز الميتافيزياء الأفلاطونية بين عالمين: العالم الأول، أو العالم المحسوس، هو عالم التعددية، علم الصيرورة و الفساد، و يقع هذا العالم بين الوجود و اللاوجود، و يعتبر منبعا للأوهام (معنى استعارة الكهف) لأن حقيقته مستفادة من غيره، من حيث كونه يجد مبدأ وجود إلا في العالم الحقيقي للمثل المعقولة التي هي نماذج مثالية فيها الأشياء المحسوسة بصورة مشوهة، ذلك لأن الأشياء لا توجد إلا عبر المحاكاة و المشاركة، و لأن كينونتها هي نتيجة و محصلة لعملية يؤديها الفيض، كصانع إلهي، أعطى شكلا للمادة التي هي في حد ذاتها أزلية و غير مخلوقة (تيميوس).
هذا و يتألف عالم المحسوسات من أفكار ميتافيزيائية (كالدائرة، و المثلث) و من أفكار "غير افتراضية" (كالجذر، و المعادلة، و الجمال/ الخ) تلك التي تشكل فيما بينها نظاما متكاملا لأنه معماري البنيان و متسلسل بسبب و عن طريق مبدأ المثال السامي الموحد الذي هو "منيع الكائن و جوهر المثل الأخرى"، أي مثال الخير.
لكن كيف يمكننا الاستغراق في عالم المثل و التوصل إلى المعرفة؟ في كتاب فيدروس، يشرح أفلاطون عملية سقوط النفس البشرية التي هوت إلى عالم المحسوسات -بعد أن عاشت في العالم- من خلال اتحادها مع الجسم، لكن هذه النفس، و عن طريق تلمسها لذلك المحسوس، تصبح قادرة على دخول أعماق ذاتها لتكتشف، كالذاكرة المنسية، الماهية الجلية التي سبق أن تأملتها في حياتها الماضية، و هذه هي نظرية التذكر، التي يعبر عنها بشكل رئيسي في كتابه مينون، من خلال استجواب العبد الشاب و ملاحظة سقراط الذي "توصل" لأن يجد في نفس ذلك العبد مبدأ هندسيا لم يتعلمه هذا الأخير في حياته.
إن فن الحوار و الجدل، أو لنقل الديالكتيكا، هو ما يسمح للنفس بأن تترفع عن عالم الأشياء المتعددة و المتحولة إلى العالم العياني للأفكار لأنه عن طريق هذه الديالكتيكا المتصاعدة نحو الأصول تعرف الفكر إلى العلم انطلاقا من الرأي الذي هو المعرفة العامية المتشكلة من الخيالات و الاعتقادات و خلط الصحيح و الخطأ هنا تصبح الرياضيات ، ذلك العلم الفيثاغوري المتعلق بالأعداد و الأشكال، مجر دراسة تمهيدية لأنه عندما نتعلم هذه الرياضيات: "من أجل المعرفة ، و ليس من أجل العمليات التجارية" يصبح بوسعنا عن طريقه "تفتيح النفس [...] للتأمل و الحقيقة" لأن الدرجة العليا من المعرفة ، التي تأتي نتيجة التصعيد الديالكتيكي ، هي تلك المعرفة الكشفية التي نتعرف عن طريقها إلى الأشياء الجلية.
لذلك فإنه يجب على الإنسان – الذي ينتمي إلى عالمين – أن يتحرر من الجسم (المادة) ليعيش وفق متطلبات الروح ذات الطبيعة الخالدة، كما توحي بذلك نظرية التذكر و تحاول البرهنة عليه حجج فيدون، من أجل ، فإن الفضيلة، التي تقود إلى السعادة الحقيقية تحقق بشكل أساسي، عن التناعم النفسي الناجم عن خضوع الحساسية للقلب الخاضع لحكمة العقل، و بالتالي فإن هدف الدولة يصبح على الصعيد العام، حكم المدينة المبنية بحيث يتجه جميع مواطنيها نحو الفضيلة.
هذا و قد ألهمت مشاعية أفلاطون العديد من النظريات الاجتماعية و الفلسفية، بدءأ من يوطوبيات توماس مور و كامبانيلا، وصولا إلى تلك النظريات الاشتراكية الحديثة الخاضعة لتأثيره، إلى هذا الحد أو ذاك، و بشكل عام فإن فكر أفلاطون قد أثر في العمق على مجمل الغربي، سواء في مجال علم اللاهوت (المسلم أو اليهود أو المسيحي) أو في مجال الفلسفة العلمانية التي يشكل هذا الفكر نموذجها الأول.
المطلب الثالث: مؤلفاته
مؤلفاته
المأدبة أو "في الحب ال sexy": يبين هذا الحوار ، الذي جرى تأليفه في العام 384 ق م ، كيف أن ولوج الحقيقة يمكن أن يتم بطرق أخرى غير العقل، و ليس فقط عن طريقه: لأن هناك أيضا وظيفة للقلب، تسمح بالانتقال من مفهوم الجمال الحسي إلى مفهوم الجمال الكامل للمثال الجلي.
و القصة هي قصة الشاعر أغاثون الذي أقام في منزله مأدبة للاحتفال بنجاح أول عمل مسرحي له. و في هذه المأدبة طلب من كل المدعوين، و من بينهم سقراط، أن يلقوا كلمة تمجد إله الحب – و خاصة أريستو فانيس الذي طور أسطورة الخنثى البدئية، و يقوم سقراط من تقريظ الجمال، بمحاولة لتحديد طبيعة الحب ، متجنبا الوقوع في شرك الجدال، أخيرا غلى حب العلم، لأنه و بسبب كونه رغبة في الخلود و تطلعا إلى الجمال في ذاته، يقودنا الحب الأرضي غلى الحب السماوين و هذا هو المعنى ndel - الذي هو أحد أجمل الحوارات – لم تدن خلال تاريخ الفلسفة كله: حيث نجد صداه، مثلا: في العقيدة المسيحية للقديس أوغسطينوس، الذي كان يعتقد بأن "كل فعل محبة هو، في النهاية حب للإله".
فيدون أو "في المهبل": يدور هذا الحوار في الحجرة التي كان سقراط ينتظر الموت فيها، لأن الحضور و انطلاقا مما كان يدعيه بأن الفيلسوف الحقيقي ى يخشى الموت، يدعو المعلم لكي يبرهن على الخلود النفس، و هنا يجري بسط أربع حجج أساسية:
الحجة الأولى: التي تستند إلى وجود المفارقات، تقول إنه: انطلاقا من الصيرورة المستمرة للأشياء ن ليس في وسعنا فهم شيء ما (النوم مثلا) دون الاستناد إلى نقيضه (اليقظة ليس حصرا). و لأن الموت يبين الانتقال من الحياة الدنيا إلى الآخرة، فإنه من المنطقي الاعتقاد بإن "الولادة من جديد" تعني الانتقال منه إلى الحياة و بالتالي إذا كانت النفس تولد من جديد، فإن هذا يعني أن التقمص حقيقة طرمة زيه.
أما الحجة الثانية: فهي تستند إلى تلك الأفكار التي ندعوها بالذكريات، لأن ما نواجهه في العالم الحسي إنما هو أشياء جميلة لكنها ليست هي الجمال، لذلك ترانا نحاول تلمس هذا الأخير من روحنا فيها على تماس مباشر مع الطهارة.
و تقول الحجة الثالثة إنه يمكن شمل كل ما في الوجود ضمن مقولتين اثنتين: المقولة الأولى تضم كل ما هو مركب (و بالتالي ممكن التفكك) أي المادة، و المقولة الأخرى التي تشمل ما هو بسيط (أي لا يمكن تفكيكه)، كجزء مما هو مدرك أي روح.
و عندما يلاحظ كيبيوس بأن سقراط، الذي برهن على إمكانية انتقال الروح من جسم إلى آخر، لم يبرهن على خلود هذه الأخيرة في حد ذاتها، يجيبه سقراط من خلال عرض مسهب، يتطرق فيه إلى نظرية المثل، حيث يبين في نهايته أن الروح لا تتوافق مع الموت لأنها من تلك العناصر التي ليس بوسعها تغيير طبيعتها.
و ينتهي الحوار بعرض طويل لمفهومي العالم العلوي و المصير الذي يمكن أنتواجهه النفس: حيث ترتفع النفوس الأكمل نحو عالم علوي، بينما ترسب النفوس المذنبة في الأعماق السفلي، و تكون كلمات سقراط الأخيرة هي التي مفادها بأنه مدين في عمله لأسكليبيوس (إله الطب و الشفاء) – من أجل تذكيرنا رمزيا بأنه يجب علينا شكر الإله الذي حرره من مرض الموت.
- الجمهورية أو "في العدالة" يشكل هذا الحوار، المجموعة في عشر كتيبات تمت خلال عدة سنوات (ما بين أعوام 389 و 369 ق م)العمل الرئيسي لأفلاطون المتعلق بالفلسفة السياسية.
يبدأ سقراط بمحاولة تعريف العدالة استنادا إلى ما قاله عنها سيمونيدس، أي "قول الحقيقة و إعطاء كل شخص حقه"، هذا التعريف مشكوك في ملاءمته، لأنه يجعلنا نلحق الضرر بأعدائنا، مما يعني جعلهم بالتالي أسوأ و أظلم ، كذلك أيضا يستبعد تعريف السفسطائي ثراسيماخوس الذي قل بأن "العدل" هو ما ينفع الأقوى.
و نصل مع أفلاطون إلى التمعن في مفهوم الدولة العادلة – تلك التي تعنى "الإنسان مكبرا"- القائمة على مشاعية الأملاك و النساء ، اللواتي لا يكون التزاوج معهن انطلاقا من الرغبات الشخصية ، إنما استنادا لاعتبارات النسل – تلك المشاعية الخاضعة لمفهوم التقشف الصحي ، أي المعادي للبذخ ، تلك الدولة القائمة على التناعم و المستندة إلى فصل صارم بين طبقاتها الأساسية الثلاث التي هي: طبقة الفلاسفة أو القادة ، و طبقة الجنود و طبقة الصناع – و التي هي على صورة التوازن القائم بين المكونات الثلاث للنفس الفردية، و نلاحظ هنا ، من خلال العرض ، ان الطبقة الدنيا (أو طبقة الصناع) لا تخضع لمتطلبات الملكية الجماعية لأنها لنتفهمها انطلاقا من مستوى إدراكها.
و يفترض سقراط أنه على رأس هذه الدولة يجب وضع أفضل البشر، من هنا تأتي ضرورة تأهيلهم الطويل للوصول إلى الفهم الفلسفي للخير الذي يعكس نور الحقيقة و ينير النفس، كما تنير الشمس أشياء عالمنا (استعارة الكهف).
ذلك لأن الظلم يشوه، بشكل أو بآخر، كافة الأشكال الأخرى من الدول، التي يعددها أفلاطون كما يلي: الدولة التيموقراطية (التي يسود فيها الظلم و العنف)، و الدولة الأوليغارخية (حيث الطمع الدائم و اشتهاء المادية)، و الدولة الديمقراطية (حيث تنفلت الغرائز و تسود ديكتاتورية العوام)، و أخيرا، دولة الاستبداد (حيث يكون الطاغية بنفسه عبدا لغرائزه، و بالتالي غير عادل).
المطلب الرابع: حكمه
1- إذا أردت أن تعرف طبقتك من الناس فانظر إلى من تحبه من غير علة
2- احسانك الى الحر يحركه الى المكافئة و إحسانك إلى الوغد يحركه إلى معودة المسألة.
3- إذا طالبت المال فاجعل زمانه اكتساب له أطول من زمان الانتفاع به.
4- اضعف الناس من ضعف عن كتمان سره و أقواهم من قوى على غضبه و اصبره من ستر فقره و أغناهم من قنع بما تيسر له.
5- الرجل الصالح هو الذي يحتمل الأذى لكنه لا يرتكبه.
6- السعادة هي معرفة الخير و الشر.
7- الحياة أمل ، من فقد الأمل فقد الحياة.
8- قليل من العلم مع العمل به أنفع من كثير من العلم مع قلة العمل به.
9- كل إنسان يصبح شاعرا إذا لامس قلبه الحب.
10-نحن مجانين غدا لم نستطع أن نفكر و متعصبون إذ لم نرد ان نفكر و عبيد إذ لم نجرأ أن نفكر.
11-الحكيم من لم يكن برأيه معجبا و لم يدخله العجب عند المدح ولم يغضب عند اللوم.
12-لا ينبغي للأديب أن يخاطب من لا أدب له كما لا ينبغي للصاحي أن يخاطب السكران.
13-غاية الأدب أن يستحي المرء من نفسه.
14-إذا أردت أن يدوم حبك فأحسن أدبك.
المبحث الثاني: التفكير الاجتماعي عند أفلاطون.
المطلب الاول:الفكرية الأفلاطونية:
في مقابل هذا النوع من التفكير الواقعي الثوري نجد لونا من التفكير الثوري المنهجي الذي يتخذ الطابع الأثيوبي الطوبائي المثالي و الذي يبدأ عند الفلاسفة اليونان بسقراط و يبلغ ذروته على يد الفيلسوف أفلاطون. ما من شك أن الفكرية الأفلاطونية الاجتماعية انبثقت من طبيعة الأزمة الاجتماعية التي عاناها المجتمع الأثيني بعد أن تهدم بناؤها الاجتماعي و انهار سلمه و هرمه القيمي خاصة بعد الهزة الفكرية العنيفة التي أحدثها التفكير الاجتماعي السونسطائي.
ارتكزت الفكرية الأفلاطونية على ما ينبغي أن تكون عليه الدولة لتحقيق كمال وجوده و لأستعاد مواطنيها. و من المفيد ان تذكر بهذا الصدد أن المدينة كانت تمثل في هذه المرحلة الوحدة السياسية الكبرى ، حيث أنها كانت تتألف من مجموعة من الأفراد يعيشون بصفة مستمرة على أرض معينة و تحكمهم فئة معينة و يكون لها سلطة نافذة.
كما ان أفلاطون وضع بنية اجتماعية للمدينة الفاضلة فلعل منها وظائفها المتخصصة.
الحكام: تتولى سيادة أمور الدولة العليا .
الجند: تتولى الدفاع عن المجتمع و حماية مصالح الطبقة الحاكمة.
العمال: (مزارعين، فلاحين، عمال صناعيين)، تعمل على توفير حاجيات الشعب بمختلف مستوياته الاجتماعية و الاقتصادية .
- و يرى أفلاطون أن الفرد ذو ثلاث قوى نفسية هي : القوة الشهوانية ، و القوة الغضبية، و القوة العاقلة و لكل منها فضيلة، و كان التوفيق بين الفضائل الثلاث ينتج فضيلة رابعة هي العدالة التي هي فضيلة الفضائل للفرد و المجتمع فالنفس عند أفلاطون تشبه العربة يقودها جوادان أحدهما الغضب و الآخر الشهوة، أما سائق الجوادين فهو العقل.
- اما من الناحية التنظيمية والإدارية والوظيفية فقد خططت الفكرة الأفلاطونية سلطات المدينة الفاضلة ووزعت الاختصاصات والوظائف الرئيسية على النحو التالي :
- 1- حراس الدستور : يتولون المحافظة على الدستور والحيلولة دون تحويله .
- 2- مجلس الشيوخ : يتولون حكم المدينة بالاتفاق مع حراس الدستور .
- 3- الكهنة ورجال الدين : يسهرون على رعاية الهياكل والمعابد والقيام بالطقوس الدينية
- 4- حكيم التربية : يهيمن على شؤون التربية الاجتماعية والأخلاقية .
- 5- رجال المحاكم والقضاء : تحكم وفقا لقوانين العقل التي لا تتعارض مع القوانين اللاهية .
- 6- قواعد الجيش.
- 7- رجال الشرطة .
- 8- التجار .
- 9- العمال الزراعيون .
- 10- عمال الصناعة .
و من الاهتمامات الاجتماعية الأساسية التي تبدو كأنها تمس المشكلات الواقعية التي تتطلب حلولا نظرية و خطوات إصلاحية تلك المسألة الديمغرافية السكانية و التي كان و لابد أن تحويها الفكرية الأفلاطونية لمواجهة تنظيمية و تخطيطية للمسألة السسكانية الفكرية ذلك أن في التطور الأفلاطوني لابد أن يكون "السكان على قدر حاجة الدولة" و في هذا الإطار لابد أن ينظم الزواج.
كما يجب أن يكون التحسيس المستمر لنوعية النسل هدفا أساسيا و مطالبا تربويا ، فيضع أطفال الدولة في مكان يشترك يتولى تغذيتهم و رعايتهم حاضنات متخصصات من الأمهات ، توسيعا لمجال التعاطف الإنساني على أن يجب أن لا يحول دون تحقيق هدفه التفرق النوعي بمعنى انه لا مناص من إعدام من زاد عن الحاجة المطلوبة للجماعة و لا جريمة في إعدام الطفل المشوه أو ناقص التركيب و الضعف الخلقي ، شأنه شأن الضعف الجسمي.
المطلب الثاني: النظريات عند أفلاطون.
و هو ثاني الثلاثة الكبار في الفلسفة اليونانية، و له اكتشافات و نظريات في النفس و الموضوعات النفسية المختلفة، أسس معهدا تعليميا و جامعة عظيمة في أثينا عام 387 ق.م و من أهم أعماله (جمهورية أفلاطون) و من نظرياته:
أ. نظرية أفلاطون في النفس: يرى أفلاطون بأن النفس سابقة على الجسم لأنها وجدت قبله و ستستمر بعده و هي خالدة لأنها كانت تعيش في عالم من الأفكار و المثل و قسم أفلاطون النفس إلى ثلاثة أقسام:
1) النفس العاقلة مركزها الرأس، لأن الرأس أعلى جزء في الجسم ، فهي أقرب إلى السماء ، و تمثل طبقة الفلاسفة.
1) النفس الغضبية و مركزها القلب، و تمثل الحراس .
2) النفس الشهوانية و مركزها البطن، و تمثل طبقة العمال و الزراع.
و يعتقد بوجود صراع بين هذه الأنفس العاقلة الثلاثة، فالشخص الذي تسيطر عليه النفس العاقلة أقرب إلى الكمال و أفضل من الشخص الذي تسيطر عليه النفس الغاضبة أو الشهوانية.
ب. نظرية المعرفة عند أفلاطون: رأى أفلاطون بما أن أقدم من الجسم فلا بد أنها كانت تعيش في عالم سابق أسماه ب "عالم المثل" و يرى بأن أفضل منهج للوصول إلى المعرفة الحقيقية هو منهج الاستقلال العقلي الذي يعتمد على التفكير المجرد ، أما الأشياء المحسوسة فهي متغيرة زائلة.
ج. الفروق الفردية عند أفلاطون: كان أفلاطون أول من اهتم بدراسة الفروق الفردية و ذلك حسب النفس المسيطرة عليهم، فقسم الناس إلى ثلاثة أنواع:
3) الحكام و هم الفلاسفة: و يتميزون بالنفس العاقلة و القدرة على التفكير و الاستدلال.
4) الجند أو الحرس أو المحاربون: و يتميزون بالنفس العصبية و لذلك أسندت لهم مهمة الحرب و الدفاع عن الوطن.
5) عامة الناس و هم العمال تسيطر عليهم النفس السهوانية.
الخاتمة:
يمتاز أفلاطون هذا الحكيم العبقري العظيم الذي جسد في كتاباته روحه اليونانية الخالصة، و منهجه الفلسفي المنطقي المتكامل المسربل بالأسرار و الرموز و الإرشادات ، بأن نظرياته و آراءه العميقة المجردة عن هيولى المادة و المختلفة بأخلاق الكمال و المثالية ، قد شملت الفلسفة العربية و الحكمة الإسلامية فأثرت فيهما تأثيرا فعالا، و خاصة ما يتعلق بعلم التوحيد، و حدوث العالم و المبدأ أو المعاد و النفس الإنسانية و سرمديتها المدنية الفاضلة و عدلها و حكمتها.
كوبي كولي؟ هادير تعليق ههههههههههههه
perlou03- عضو جديد
- عدد المساهمات : 7
نقاط : 47519
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 21/11/2011
العمر : 39
الموقع : hhhhhhhhhhhhhhhhhhhhh
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى